كتب أمير بوحبوط أن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أعلنت رسميًا مقتل متحدثها العسكري المعروف باسم أبو عبيدة، الذي قضى في أغسطس الماضي، وكشفت في الوقت نفسه عن خليفته الذي ظهر بصورة ملثمة دون الإفصاح عن هويته أو اسمه الحقيقي، في خطوة حملت رسائل سياسية وأمنية ونفسية واضحة. رأت مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذا الإعلان لم يأتِ مفاجئًا، بل جاء ضمن مسار متوقع لإعادة تشكيل قيادة الحركة والحفاظ على أدوات الحرب النفسية.
وأشارت الجيروزاليم بوست إلى أن الإعلان تزامن مع تحركات داخلية أوسع في حماس، تهدف إلى إعادة تنظيم القيادة العسكرية والسياسية، في ظل ضغوط أميركية وإسرائيلية ودولية متصاعدة، وفي سياق حديث متزايد عن مفاوضات وصفقات محتملة مرتبطة بقطاع غزة.
متحدث جديد ورسائل قديمة
أوضحت كتائب القسام أن المتحدث الجديد ورث الاسم الحركي «أبو عبيدة» من سلفه، في إشارة إلى استمرار النهج الدعائي ذاته الذي لعب دورًا محوريًا في إدارة الحرب النفسية ضد إسرائيل، خاصة منذ هجمات السابع من أكتوبر وما تلاها. نشرت الحركة صورة للمتحدث الجديد وهو يخفي وجهه بالكوفية، ما عكس رغبة واضحة في إبقاء هويته مجهولة وتعزيز الغموض المحيط به.
قدّرت مصادر في الجيش الإسرائيلي أن إخفاء هوية المتحدث الجديد يشكل جزءًا أساسيًا من استراتيجية نفسية مدروسة، سبق أن استخدمها أبو عبيدة السابق، الذي عُرف بدوره البارز في الخطاب الإعلامي. وأشارت هذه المصادر إلى أن المتحدث الجديد سيبقى هدفًا للأجهزة الأمنية.
لا نزع للسلاح رغم الضغوط
رأت مصادر عسكرية إسرائيلية أن توقيت الإعلان حمل رسالة سياسية مباشرة، مفادها أن حماس لا تنوي التخلي عن سلاحها أو تفكيك جناحها العسكري، رغم الضغوط الدولية ومساعي الوسطاء. جاء ذلك في وقت تسعى فيه الحركة، بحسب التقديرات، إلى إعادة تأهيل بنيتها العسكرية بعد الضربات التي تلقتها خلال الأشهر الماضية.
أفادت المصادر بأن الإعلان عن المتحدث الجديد ترافق مع تلميحات واضحة في بيان الحركة إلى استمرار المقاومة المسلحة، ورفض أي مسار يؤدي إلى نزع السلاح. اعتبر الجيش الإسرائيلي هذه الإشارات تأكيدًا على أن حماس ترى في قوتها العسكرية عنصرًا وجوديًا لا يمكن المساومة عليه، حتى في ظل الحديث عن تسويات أو مراحل جديدة من الاتفاقات المتعلقة بغزة.
انتخابات داخلية وسياق إقليمي معقد.
جاء إعلان حماس في وقت حساس إقليميًا، تزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث ناقش الجانبان الانتقال إلى مرحلة جديدة من الترتيبات في قطاع غزة. في هذا السياق، بدا إعلان حماس رسالة موجهة إلى أكثر من طرف، تؤكد من خلالها حضورها واستعدادها لمواصلة الصراع.
كشفت تقارير صحفية عن استعدادات داخلية في حماس لإجراء انتخابات لاختيار قيادة جديدة للحركة، بما في ذلك منصب رئيس المكتب السياسي، بعد مقتل يحيى السنوار قبل أكثر من عام. تحدثت مصادر قريبة من قيادة الحركة عن تحضيرات داخل مجلس الشورى العام، الذي يضم نحو خمسين عضوًا يمثلون غزة والضفة الغربية والخارج، تمهيدًا لاختيار قيادة جديدة خلال فترة قصيرة.
رجّحت هذه المصادر تقدم أسماء بارزة مثل خليل الحية وخالد مشعل، في سباق القيادة، ما يعكس مرحلة انتقالية حساسة تمر بها الحركة. ربط مراقبون بين هذه التحركات الداخلية وبين الكشف عن المتحدث العسكري الجديد، معتبرين أن حماس تسعى إلى إظهار تماسكها التنظيمي وقدرتها على ملء الفراغات بسرعة.
في المحصلة، يعكس ظهور «أبو عبيدة» الجديد، وفق قراءة الجيروزاليم بوست، إصرار حماس على الحفاظ على رموزها وخطابها العسكري، واستخدام الغموض كأداة ردع ودعاية، في وقت تشهد فيه الساحة الإقليمية ضغوطًا سياسية وأمنية متزايدة، تجعل من كل خطوة إعلامية رسالة محسوبة بعناية.
https://www.jpost.com/israel-news/article-881796

